أشاد النظام الحاكم في إرتريا بجھود الوساطة القطرية لرأب الصدع وحل الخالف الحدودي بينھا وبين جمھورية جيبوتي ، ونوه إلى الدور القطري المتميز في حل النزاعات اإلقليمية وتقريب وجھات النظر بين الدول في المنطقة ، مشيراً إلى دورھا في لبنان ، وفي قضايا شرق السودان ودارفور والعالقات السودانية  الإرترية ، والسودانية  التشادية وغيرھا من الملفات الساخنة ، وبث التلفزيون الرسمي في أسمرا بتاريخ 2010/06/09 م تقريرا مطولأ ًعن دور قطر في حل النزاعات في أكثر من موقع بالعالم ، حيث تناول بإسھاب دورھا في السودان بالتركيز عآل أخر المفاوضات الجارية بين متمردي دارفور والحكومة السودانية برعاية قطر ، والتي قال عنھا التلفزيون الإرتري إنھا تتمتع بقدرات كبيرة في تقريب وجھات النظر بين مختلف الأطراف المتنازعة .

وإذا وضعنا في الإعتبار النمو السياسي واإلقتصادي المضطرد لدولة قطر فسوف لن يكون توسطھا بين إرتريا وجيبوتي ھو الأخير في خضم النزاعات الدولية . ويكفي لدولة قطر فخراً أنھا استطاعت أن تحل اعقد معضلة وھي المعادلة اللبنانية  اللبنانية على المستوى الإقليمي . وقطر بما لديھا من سمعة طيبة وحكمة سياسية قادرة أن تحل الخالف الحدودي بين إرتريا وجيبوتي . حيث أن الجھود القطرية تندرج في الروابط الأخوية بين الشعبين القطري والإرتري عندما كانت قطر من ضمن أوائل الدول التي كانت تقدم الدعم المادي والمعنوي للشعب اإلرتري إبان ثورة الكفاح المسلح ضد الإستعمار اإليثوبي في القرن الماضي ، فلن تكن العالقة وليدة اليوم إنما ھي إمتداد من أواخر الستينيات من القرن الماضي . ويحكي أحد الشخصيات القطرية المرموقة كيف أنھم كانوا يستقطعون من مصروفھم الدراسي وھم في المراحل الإبتدائية لدعم ثورة الشعب اإلرتري ضد الإستعمار الإثيوبي، فعالقة الشعبين ضاربة في الجزور منذ القدم . من ھذا المنطلق نقول إن دولة قطر تقوم بواجبھا الإنساني والأدبي والأخالقي وما يمليه عليھا ضميرھا تجاه الشعب الإرتري لرأب الصدع بين إرتريا وجيبوتي لكي يسود الأمن والإستقرار في المنطقة. كما قدمت في الماضي وھي لم تكن بھذا الحجم والزخم الدولي والإقليمي .


والنظام الإرتري لم يكن اعتداؤه على دول الجوار المرة الأولى ولن يتوقف عن ذلك ، حيث لديه سجل حافل  بالتدخالت في شئون الدول المجاورة بدءاً من جزيرة حنيش ثم التحرش بالسودان وفتح المعسكرات للمتمردين السودانيين وتسليم السفارة السودانية للمعارضة السودانية في بادرة سيئة ھي الأولى من نوعھا في فن وقانون وسلوك الدبلوماسية ، ثم إندالع مشكلة بادمي في مايو 1998 م ، ثم تقديم العون الفني واللوجيستي للمتمردين السودانيين للدخول إلى مدينة كسالا في عام 2000 م  لزعزعة الأمن والإستقرار في المنطقة الشرقية في السودان . والجولة الثانية لمعركة بادمي التي حصدت أرواح عشرات الألأف من الشباب الإرتري وتشريد مئات الآف من المدنيين . ثم الخلاف الحدودي مع جيبوتي . السؤال الذي يطروح نفسه لماذا ھذا التخبط ؟ ھذا التخبط سببه ھو غياب المؤسسات الدستورية التي تقرر حالة الحرب والسلم ، وإنفراد الرجل الواحد في جميع مفاصل الدولة واختزال جميع صلاحيات المؤسسات الدستورية في شخصية إسياس وصلاحياته المطلقة في اتخاذ القرارات المصيرية ، مما  أوصل البلد إلى النفق المظلم الذي لا يبدو الضوء في نھايته ، فالسجون تعج بالشيوخ والمعلمين وبرفاق دربه في النضال ، والتنكر للاجئيين والمعارضة الإرترية نھج يظھر قبحه واستبداده ، كل ذلك خلق أزمات ومعانات داخلية يتحمل مرارتھا ويكتوي بويالتھا الشعب اإلرتري .

وفي تقديرنا فإن إطالق سراح المعتقلين وضمان الحريات العامة للمواطنين وإقامة دولة القانون والعدل وإيقاف كل مشاريع التغيير الديمغرافي التي ينتھجھا النظام في سياق صياغة إرتريا على نمط تتوافق مع توجھاته وأھدافه الشمولية ھو الذي سوف يكون عامل استقرار داخلي لبالدنا وبالتالي مع محيطھا من دول الجوار . وذلك لايتأتى إلا عندما يتمخض برلمان منتخب بمشاركة جميع الشعب الإرتري وبيده قرار الحرب والسلم والحفاظ على أمن ومقدرات الدولة .

وإن تعامل النظام بنفسية التعالي ووضع نفسه حكيم أفريقيا ومنظرھا وادعائه بأن جميع المشاكل المحيطة بالمنطقة لا تحل إلا بعصاه السحرية في حين يعيش حالة من التعاسة والانھيار الشامل أمر يدعو إلى الغرابة ، فھو يتدخل لحل الخالفات السودانية السودانية وھو ممثلھا ومخرجھا ، ويتدخل في الخلافات الصومالية الصومالية ، والخلافات السودانية التشادية ، وغيرھا . والاَن يحشر أنفه في الخالف الذي حدث بين دول منبع ومصب النيل عمال بقاعدة الاصطياد في الماء العكر ، والمذھل أن ھناك دولأ وضعت آمالأ كبيرة عليه في حل ھذا الخلاف ، مع أن الرجل في أسوء علاقاته مع إيثوبيا وھي الدولة المھمة في المعضلة ثم يوغندا وكينيا وجميع دول المنبع لايتمتع معھا بأي علاقة حسنة ، فمن أين له أن يأتي بحل مقبول . فينشغل بمشاكل غيره كأنه في كوكب المريخ أو حاكم سويسرا لايعاني من أزمات داخلية .

وھنا نريد أن نناشد الدول التي له معھا عالقات معه مثل السودان الذي يحتضن أكبر عدد من اللاجئيين وقوى المعارضة اإلرترية أن يدفعه باتجاه إنھاء محنة الشعب الإرتري وإقامة نظام عادل يشترك فيه الجميع وأن يطلق الحريات للناس إسھاما في وضع حد لمعاناة الشعب الإرتري ، وسعيا لأمن إرتريا  واستقرارھا .


والله من وراء القصد